التواصل البصري ودوره في التدريس الفعال

التواصل البصري | لعل من وسائل الاتصال اللفظي. الذي يتم عبر الألفاظ (الأصوات والكلمات والعبارات والجمل والنصوص) التي تستخدم فيه اللغة بأصواتها، والاتصال غير اللفظي الذي لا تستخدم فيه الألفاظ.

ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: “ألم نجعل له عينين. ولسانا وشفتين” (البلد: 8 ‏- 9 ‏). فنعمة الإبصار تعتبر من أجمل النعم التي أكرم الله بها الإنسان عامة والمعلم خاصة، ذلك لأن التواصل البصري ” Eye contact” يعتبر من أهم مهارات التدريس التي لها علاقة مباشرة بإدارة الفصل الدراسي بغض النظر عن نوع التخصص والمرحلة التعليمية.

ولعله من المفيد في هذا السياق أن نلمح سريعاً حول مكونات عملية الاتصال التي هي نقل رسالة من شخص” المرسل” إلى شخص آخر “المستقبل” من أجل تحقيق شيء “الهدف”، وذلك عن طريق حلقة وصل بين المرسل والمستقبل “قناة الاتصال” من خلال وسط يتم فيه حدوث الاتصال “بيئة الاتصال”، ثم يصدر حكم نوعي حول فعالية الاتصال “التغذية الراجعة” (Jalongo, 2003).

‏التواصل البصري وضبط الصف الدراسي

يتساءل كثير من المعلمين ولا سيما حديثو العهد بالتدريس، عن كيفية ضبط الصف الدراسي وعن كيفية جذب انتباه الطلاب أثناء الشرح، فهم يعتبرون هاتين القضيتين من المشكلات التي تعيق فعالية التدريس، وتؤثر تأثيراً سلبياً في تحصيل الطلاب في المواد الدراسية المختلفة التي يقوم المعلمون بتدريسها. ولعل من أهم المشكلات التي تواجه كثيراً من المعلمين هي مشكلة انقطاع التواصل بين المعلم والمتعلم أو بين المتعلمين أنفسهم. فالكلام على سبيل المثال يعتبر مكوناً واحداً من مكونات التواصل سالفة الذكر: لذا فإن كثيراً من المعلمين يغفلون واحداً من أهم مهارات التدريس ألا وهو التواصل البصري.

‏أهمية تفعيل التواصل البصري لدى المعلمين

تعتبر العين أداة فاعلة لدى كل من المعلم والمتعلم، إذ إننا نجد أن معظم الوقت الذي يقضى في الفصل يتم عن طريق العينين، حيث يستخدم كل من المعلم والمتعلم البصر في النظر إلى الكتاب أو السبورة أثناء القراءة أو الإجابة عن الأسئلة أو الرسم أو حل التمارين أو النظر إلى الآخرين أو إلى البيئة المدرسية من ممرات ونوافذ دخولا وخروجا من المدرسة واليها …. الخ.

لذلك أشارت دراسات علمية كثيرة إلى أهمية تعود المعلمين على استخدام التواصل البصري الجيد في الفصل أثناء التدريس بحيوية ووعى وتأثير عن طريق التواصل بالنظر إلى جميع أنحاء الفصل، وأن عدم استخدام التواصل البصري بشكل فاعل يؤدي إلى فقدان عنصر مهم من عناصر التدريس الفعال، ومن هذه الدراسات دراسة إبراهيم (2001 ‏)، ودراسة ليدبوري (Ledbury, 2004)، ودراسة ياما شيرو وجونسون (yamashiro& johson, 1998)، ودراسة حيدر أباد .(hayderabad, 2007).

‏أهمية تفعيل التواصل للطلاب

إن استخدام التواصل البصري في التدريس بطريقة صحيحة وفعالة بحيث تحمل العينان رسالة ملؤها الحيوية والدراية والتشويق والاهتمام، كفيل بأن يجذب انتباه الطلبة لموضوع الدرس باستمرار، بل ويستثيرهم إلى المتابعة المستمرة لما يقوم به المعلم أو يقوله. ويكون التواصل البصري في التدريس فعالا وصحيحا عندما يقلب المعلم بصره في كل مكان في الفصل: فينظر تارة إلى بعض الطلبة ولكن لوقت قصير حتى لا يريبهم، ولكن في هذه الحالة علي المعلم ألا يكثر من التركيز في تغطيته البصرية على الطلاب المتميزين جدا أو الضعاف جدا دون سواهم من بقية الطلاب، فالعدل مطلوب من جانب المعلم حتى في التواصل البصري.

‏التواصل البصري والتغذية الراجعة في التدريس

كذلك بالإضافة إلى أن التواصل يجعل الطلاب متيقظين باستمرار، فإنه يعطي المعلم تغذية راجعة حول وقع كلامه وطريقة تدريسه ومادته العلمية التي يقوم بتدريسها لطلابه، ولا سيما في الفصول ذات الكثافة الطلابية العالية، حيث تكون المسافة بين المعلم والطلاب أكبر، ويكون انتباه الطلاب أصعب .(Wood, 2005) لذلك فإن المعلم الفعال في تدريسه هو الذي يضبط سلوك الطلبة في الفصل بدرجة كبيرة من خلال تواصله البصري. لذلك يتوجب على المعلم أن يتأكد من أن تواصله البصري في الفصل أثناء التدريس يشمل كل طالب وكأنه يتحدث إليه شخصياً. وعندما يقوم المعلم بشرح نقطة ما، فان نظر المعلم يجب أن يتوجه إلى الطلبة وليس إلى الكتاب الذي بين يديه أوالى السبورة أو شاشة العرض المستخدمة في التدريس. ولا بد أن يتذكر المعلم أن هناك علاقة بين التواصل البصري أثناء التدريس وتناغم فقرات الدرس وسيرها وتتابعها. فمع بداية الدرس، يتحرك المعلم في الفصل ويتأكد من أن الطلبة قد تهيأوا للدرس؛ فأخرجوا الكتب من حقائبهم، وأمسكوا بأقلامهم، وفتحوا كراساتهم، وأغلقوا هواتفهم النقالة، فإذا رأى المعلم شيئاً يستحق التنبيه، أشار إلى الطلبة بفعله أو تركه في هذه الحالة.

أخطاء شائعة في استخدام التواصل البصري في التدريس

إن التواصل البصري الجيد في التدريس لا يعني أن يحملق المعلم بعينيه إلى الطلبة! فهذا أمر يريبهم، ثم يصرف أبصارهم وبصائرهم عن التركيز في الدرس، ويؤثر فيهم تأثيراً سلبياً. كذلك لا يعني التواصل البصري في التدريس أن ينتقل المعلم ببصره من طالب إلى طالب آخر بشكل سريع ومتلاحق، فهذا السلوك غالباً ما يفقد هذه المهارة التدريسية أهميتها وفعاليتها: لهذا ينصح المعلمون بأن يستخدموا التواصل البصري بهدوء كغيره من وسائل الاتصال غير اللفظية مثل لغة الجسم (body language) والإيماءات (Gestures) وتعبيرات الوجه (facial expressions) الخ. وذلك من أجل أن يلاحظ المعلم طلبته ويستمع إليهم، ولا سيما حين اشتغالهم بالأنشطة وأدائهم لها، ليتعرف ما إذا كان هناك ملل قد تسرب إلى بعضهم، ثم يقوم بتغيير طريقة تدريسه حسبما يقتضي الموقف التدريسي.

وليس التواصل البصري في التدريس مقصوراً على المعلم فحسب، بل يمتد إلى الطلاب. لذلك فالمعلم الحاذق هو الذي يقوم بتدريب طلبته علي استخدام هذه المهارة الفعالة أثناء الدراسة ولا سيما عندما يقومون بالعمل في مجموعات آو بشكل ثنائي، وذلك باستماع بعضهم إلى بعض من خلال الاستجابات غير اللفظية المتعلقة بهذه المشاركات لأن هناك علاقة قوية بين كم التواصل البصري الذي يعيره المتعلم أثناء الموقف التدريسي ودرجة مشاركته وعدد أدواره المشاركة في التواصل الجماعي على سبيل المثال.

ولعل استخدام المعلم للتواصل البصري بطريقة فاعلة دليل على الثقة بالنفس، ويساعد على توفير الوقت والجهد، وذلك عن طريق توجيه المعلم رسائل معينة من خلال التواصل البصري وتعبيرات الوجه كالتعبير عن الرضا أو عدم الرضا تجاه موقف ما. أو التشجيع آو عدم الموافقة على أمر ما في الفصل. فالتواصل البصري إذا يمكن أن يستخدم (لدى المعلم والمتعلم) لتصحيح مسار الدرس، وذلك بالموافقة على استجابات معينة أو بعدم الموافقة عليها، ثم يكون التواصل البصري الفاعل أداة مساعدة على توفير الوقت والجهد.

طالع ايضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *