مفهوم القيم من وجهة النظر الإسلامية

مفهوم القيم | لقد أولى علماء المسلمين قديمهم ومعاصريهم موضوع القيم اهتماما كبيرا، وقاموا ببحثها من منظور ديني، فلا يكاد أي كتاب من الكتب الإسلامية سواء في الفقه، أو الحديث، أو التفسير يخلو من الحديث عن موضوع القيم ووظائفها وأهميتها وطبيعتها، وإلى ذلك يشير أبو العينين (1988م)، إلى أن للقيم الإسلامية طبيعة متميزة، وخصائص معينة، وقد وضح ذلك من خلال:

أهمية القيم 

  • أن القيم الإسلامية حددها الوحي، ويكتسبها الأفراد من مجتمعهم، وأن مصدرها القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، والاجتهاد الصحيح في إطارها.
  • أن القيم الإسلامية تنبع من العقيدة الإسلامية، وليس من المصلحة المؤقتة أو المنفعة الذاتية، فقد جعل الإسلام الإنسان أساسا تقوم عليه كافة القيم، وأنه محور الرسالة، وأن القيم الإسلامية كشريعته جاءت ليحصل بها الإنسان على السعادة في الدنيا والآخرة.
  • أن القيم الإسلامية تقوم على مبدأ التكليف، فالإنسان في الإسلام كائن مكلف ومسؤول عن اختياراته وبناء حياته، قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (الأحزاب: 72).
  • أن تنمية القيم من مسؤولية الأنظمة الإسلامية والتي تبدأ من نظام العقيدة، وأحكام العبادات، والمعاملات، إلى النظام الاجتماعي، ونظام الحرب والسلم والقضاء والتشريع والإدارة والحكم. باعتبار أن هذه الأنظمة تقوم على القيم باعتبارها نسيج واحد مترابط يخدم كل منها الآخر، وأنها محددات للسلوك في أشكاله المقبولة إسلاميا، فالقيم معايير وأحكام لضبط السلوك كما أن الفقه أحكام لضبط السلوك شرعيا.
  • ويؤكد أحمد (1983م) على أن القيم الإسلامية تنبثق من عقيدة التوحيد التي تؤمن بالله الواحد الأحد، وأن هذه القيم تتسم بالموضوعية والمطلقية التي لا يحددها زمان أو مكان أو ظروف أو حال. فهي قيم ثابتة لا تتغير بتغير الأزمنة أو الأمكنة، ومن هذه القيم:
  • قيم التكامل بين التكوين والتشريع، وترتكز على أن الإنسان وحدة متكاملة لا تتجزأ من جسد مادي وقوى روحية.
  • قيم العبودية والتشريع لله وحده، قال تعالى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54).
  • قيم الإيمان بوحدة النوع الإنساني، وأن الناس جميعا يشتركون في حقيقة واحدة هي الإنسانية، لذا فإن هذه القيم ترفض التفرقة والتمييز والعنصرية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) (النساء: 1). وذكر كذلك قيم تكريم الإنسان وقيم الاعتدال والهداية والتوبة والصلاة وغيرها.

كما أشار خوجة (1994م) إلى أهم المبادئ والقيم الإسلامية في المعاملات المالية، وقد عرفها وأورد عليها الشواهد والأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن أهم هذه القيم:

  • المال نعمة من الله خلقها لمنافع الإنسان ومصالحه، قال تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل: 53).
  • تملك المال ليس غاية وإنما وسيلة للتمتع بالطيبات من الرزق، قال عليه السلام: “إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده”.
  • استثمار المال وعدم اكتنازه وتجميده وحبسه عن التداول، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة: 34).
  • توثيق المعاملات المالية والاشهاد عليها والرهن ضمانا لها من الضياع والنسيان، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ…) (البقرة: 282).
  • الصرف الحلال للمال والاعتدال في إنفاقه، قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) (الإسراء: 29).
  • كذلك ذكر قيم الصدق والأمانة في المعاملات، وقيم المال وسيلة لتحقيق التكامل العائلي وإنفاق المال وتأدية حقه كالزكاة والصدقات والمحافظة على المال وعدم إعطائه لمن لا يحسن التصرف فيه وغيرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *